عشق دمشق - عبد الناصر عليوي

عشق دمشق
----
أَلَا يَــا لَائِـمِـي فِــي الْـحُبِّ رِفْـقًا
فَـكَمْ مِـنْ فَـارِسٍ قَدْ مَاتَ عِشْقًا


وَكَـمْ مِـنْ هَـائِمٍ فِـي حُـبِّ لَيْلَى
فَـكَيْفَ بِـحَالِ مَـنْ يَـهْوَى دِمَشْقَا


هَـوَاهَا فِـي سَـوَادِ الْـعَيْنِ رَسْـمٌ
سَـيُـخْـبِـرُهَا إِذَا أَعْـيَـيْـتُ نُـطْـقًـا


إِذَا أَبْـصَـرْتُ وَجْـهَـكِ مِــنْ بَـعِـيدٍ،
رَأَيْــتُ الْـكَوْنَ فِـي عَـيْنَيْكِ أَرْقَـى


أَنَـا الْـوَلْهَانُ، فِـي عِـشْقٍ وَقَلْبِي
إِذَا ذُكِـــرَ الْـحَـبِـيبُ يَـزِيـدُ خَـفَـقَا


وَلَــوْ خُـيِّـرْتُ فِــي مَـوْتِـي بِـيَـوْمٍ
عَـلَى رِمْـشِ الْـعُيُونِ أَمُوتُ شَنْقَا


أَرَاكِ بِـعَـيْـنِ قَـلْـبِي حِـيـنَ أَغْـفُـو
وَأَمَّــــا  إِنْ صَــحَــوْتُ أَرَاكِ حَــقَّــا


عَـلَى خَـدَّيْكِ زَهْـرُ الـرَّوْضِ يَـزْهُو
وَفِـي شَـفَتَيْكِ شَـهْدٌ فَـاضَ دَفْقَا


أرَى بَــوْحَ الـنَّـسِيمِ لَـهَـا يُـنَاغِي
عَـلَـى الْـخَـدَّيْنِ طَـلُّ الـصُّبْحِ رَقَّـا


فَـفِـيكِ الــرُّوحُ تَـسْـمُو لِـلْمَعَالِي
إِلَــى حَــدِّ الـسَّـمَاءِ تَـكَادُ تَـرْقَى


أَيَـــا نَــفْـحَ الـرَّبِـيعِ يَـضُـوعُ طِـيـبًا
فَـتَـنْـشَقُ عِـطْـرَهُ الْأَرواحُ نَـشْـقَا


وَيَـسْـكَرُ مَــنْ يَــرَى يَـوْمًـا رُبَـاهَا
بِــــلَا  خَــمْــرٍ وَلَا يَــحْـتَـاجُ زِقَّــــا


أَيَــا بَــرَدَى وَفِــي قَـلْـبِي حَـنِينٌ
يَــكَـادُ يُــحَـرِّقُ الْأَحْــشَـاءَ حَـرْقًـا


دِمَشْقُ هَوَاكِ فِي الشِّرْيَانِ نَبْضٌ
وَمَــنْ يَـهْـوَاكِ يَـعْـرِفْ ذَاكَ صِـدْقَا


دِمَـشْـقُ وَفِـيـكِ لِــلْأَرْوَاحِ سِـحْـرٌ
أَرَى الْـعُشَّاقَ فِـي عَيْنَيْكِ غَرْقَى


رُبَــــاكِ تُــعَـانِـقُ الْــجَـوْزَاءَ تِـيـهًـا
فَـتَـضْرِبُ حَـوْلَـهَا الـنَّجْمَاتُ طَـوْقَا


فَـهَلْ لِـلْعَاشِقِ الْمَجْرُوحِ سُكْنَى
سِـوَى قَـلْبٍ عَـلَى كَفَّيْكِ يُلْقَى؟


وَفِــي نَـجْوَى الْـمَآذِنِ بَـوْحُ صَـبٍّ
سَــتُــدْرِكُـهُ،  إِذَا الــنَّـاقُـوسُ دَقَّا


دِمَـشْقُ، وَفِـيكِ لِـلْمَعْنَى طَـرِيقٌ
إِذَا كُـــلُّ الـــدُّرُوبِ تَـصِـيرُ زَلْـقَـى


تَـلِـينُ الــرُّوحُ مِــنْ طِـيبِ الـتَّكَايَا
وَمِـنْ زَيْـتِ الـسِّرَاجِ تَـصِيرُ أَنْـقَى


هَـــوَى الْأَوْطَـــانِ تَــيَّـارٌ شَــدِيـدٌ
وَيُـصْـعَقُ نَـبْـضُهُ الْـعُشَّاقَ صَـعْقًا


فَــهَـلْ بَــعْـدَ الْــهَـوَى إِلَّا افْـتِـتَانٌ
مَـتَى ألْـقَى لِـهَذَا الْـعِشْقِ عِتْقًا


وَكَـمْ هَـبَّتْ عَـلَى الـشُّهَدَاءِ رِيـحٌ
تُـقَـبِّـلُ جُـرْحَـهُـمْ صَــبًـا وَشَـوْقَـا


دِمَـشْـقُ، وَسَـيْـفُكِ الْـفُولَاذُ رَمْـزٌ
لِأَنَّـــكِ مَـــا رَضِـيـتِ الـدَّهْـرَ رِقًّــا


كَــرَرْتِ عَـلَى الـطُّغَاةِ بِـكُلِّ حَـزْمٍ
فَـمَـا لِـلـظُّلْمِ فِــي دُنْـيَـاكِ حَـقًّـا


فـفِي نَـقْشِ الْـعُصُورِ لَـهَا سُطُورٌ
لِــذَا فِـيـهَا الْـبَـيَانُ يَـفِيضُ عُـمْقَا


هُـنَـا الـتَّارِيخُ كَـمْ سَـجَّلْتِ فَـخْرًا
وَكَــمْ  رَفَـعَـتْ بــكِ الْأَيَّــامُ عُـنْـقَا


هُـنَـا الْـفَـارُوقُ قَـدْ خَـطَّ الْأَمَـانِي
وَفَـجْـرُ الـنُّـورِ فِـي الْأَرْجَـاءِ شَـقَّا


أَتَـى الْـجَرَّاحُ وَابْـنُ الْـعَاصِ سَعْيًا
يَـقُـودَانِ الْـجُـيُوشَ إِلَـيْـكِ سَـبْـقًا


وَمِــنْ بَـعْـدِ الْـمَـخَاضِ أَتَـى وَلِـيدٌ
بِــهِ  رَحِــمُ الـرِّجَـالِ هَـمَـى وَبَـقَّا


أَتَــى مِــنْ بَـعْـدِ إِرْهَــاصٍ طَـوِيلٍ
لِـيَـنْزِعَ عَـنْ رِقَـابِ الـشَّعْبِ رِبْـقَا


وَيُــعْـلِـنُ  فَــجْــرَ مِــيـلَادٍ جَــدِيـدٍ
يَـفِـيـضُ سَـحَـابُـهُ غـيـثـا وَوَدْقًــا


دِمَـشْـقُ وَوَجْـهُـهَا الْأُمَـوِيُّ فَـخْرٌ
لِـنَـفْـخِ الـصُّـورِ عَـامِـرَةً سَـتَـبْقَى
-----
عبدالناصر عليوي العبيدي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلين - محمد نصار

توحي عيونك - احمد شريف

أتيت نحوك - د. غياث حمدي كركة